شبه الجزيرة نت | اقتصاد
بينما دخل اتفاق إنهاء التصعيد الاقتصادي، الموقع بين صنعاء والرياض، حيز التنفيذ، باستئناف الرحلات الجوية التجارية من مطار صنعاء إلى الأردن، وعودة نظام «سويفت» إلى البنوك الأهلية في صنعاء، بدأت الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي ترتيبات خاصة بتصدير النفط الخام اليمني إلى الأسواق الخارجية، في محاولة لكسر حظر التصدير المفروض من قبل جماعة «أنصار الله» منذ أواخر 2022.
وصف مصدر في «اللجنة الاقتصادية العليا» في صنعاء تلك الترتيبات بأنها «استفزاز غير محسوب العواقب»، معتبرًا أن «هذا التوجه يعكس رغبة الأطراف الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في إطالة أمد معاناة موظفي الدولة الذين لم يتقاضوا مرتباتهم الأساسية منذ ثماني سنوات».
وأشار إلى أن «موقف صنعاء بشأن إعادة تصدير النفط في المحافظات الجنوبية مرتبط بموافقة الأطراف الأخرى على تخصيص عائدات مبيعات الخام لصرف مرتبات الموظفين وتحسين الخدمات العامة في جميع المحافظات اليمنية»، مؤكدًا أن «أي محاولة التفاف على هذا المطلب ستُقابل بالقوة لمنع اقتراب أي ناقلة نفط من الموانئ اليمنية الواقعة في الساحل الشرقي للبلاد».
وجدد تحذيره للشركات الملاحية من مغبة تجاهل رسائل صنعاء والدخول إلى ميناءي الضبة والنشيمة النفطيين في محافظتي شبوة وحضرموت.
وأكدت مصادر مقربة من حكومة عدن لـ«الأخبار» أن «ترتيبات بدأت في شبوة وحضرموت لإعادة تصدير النفط» الأربعاء المقبل، ملمحة إلى أن هذا التوجه تبلور في أعقاب إعلان اتفاق إنهاء التصعيد الاقتصادي.
ويرى مراقبون أن حكومة أحمد بن مبارك التي تعرضت لانتقادات واسعة من قبل الموالين لها على خلفية الاتفاق الأخير، تسعى إلى امتصاص الغضب بالحديث عن إعادة تصدير النفط دون اتفاق مسبق، والإيحاء بأنها حصلت على مقابل لموافقتها على وقف التصعيد، وهي رواية نفتها صنعاء.
كان «المجلس الرئاسي» قد اشترط، الأسبوع الماضي، أن تسمح حكومة الإنقاذ بإعادة تصدير النفط – دون التزامه بصرف مرتبات موظفي الدولة – وتوحيد سعر العملة في مناطق سيطرتها بسعر العملة المطبوعة المُتعامَل بها في عدن، وإلغاء عملة المئة ريال المعدنية التي سكّها بنك صنعاء المركزي مطلع العام الجاري، مقابل أن يوافق «الرئاسي» على تأجيل القرارات التصعيدية ضد البنوك المشمولة بإجراءات المصرف المركزي المعترف به دوليًا في عدن، والخوض في مفاوضات اقتصادية مع صنعاء.
وجاء ذلك في إطار ردّه على طلب المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، تجميد تلك القرارات حتى الشهر المقبل، قبل أن يتم حسم الموقف بإلغائها، والالتزام بعدم اتخاذ خطوات مشابهة، والاستعداد لمفاوضات غير مشروطة حول الملف الاقتصادي والإنساني برعاية الأمم المتحدة.
وفي سياق هذه المفاوضات، قال الشيخ علي ناصر قرشة، أحد المعنيين بلجنة الوساطة بين صنعاء والرياض، في منشور على «إكس»، إنه تم الاتفاق بين العاصمتين على تشكيل لجنة لمناقشة الملفات الاقتصادية، موضحًا أن «الاتفاق حول هذه الملفات سيتم على ضوء خارطة الطريق الأممية».
وكانت قيادات رفيعة المستوى في حركة «أنصار الله» قد أكدت أن اتفاق التهدئة الأخير بين الرياض وصنعاء، وضع تنفيذ الشقين الإنساني والاقتصادي، وخصوصًا ما يتعلق منهما بمسألة المرتبات، على رأس جدول أعمال المفاوضات، مع التزام السعودية والأمم المتحدة بعدم الاستجابة للضغوط الأميركية، وتجاوزها لتحقيق تقدم في مسار السلام.
وعبر الاتفاق مع الرياض، تحاول صنعاء تحقيق اختراق في ملف المرتبات لتخفيف معاناة الموظفين من جهة، ولإسقاط الورقة الأميركية في هذا الملف من جهة ثانية، ولا سيما أن المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، عمل على إعاقة أي تقدم فيه خلال الجولات التفاوضية التي جرت برعاية الأمم المتحدة خلال العامين الماضيين، وعمد إلى تحويله إلى أداة ابتزاز لتحقيق مكاسب لواشنطن.
وخلال الأشهر الماضية من التصعيد اليمني ضد الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، حاولت واشنطن مقايضة صنعاء بالموافقة على حسم مسألة المرتبات، في إطار العروض الأميركية لثني اليمن عن الاستمرار في معركة إسناد الشعب الفلسطيني.
المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية.