شبه الجزيرة نت | دولي | اقتصاد
تجمع انتخابات الرئاسة الأمريكية في 5 نوفمبر المقبل بين الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس النائبة الحالية لبايدن، إلى جانب انتخابات الكونغرس الأمريكي التي ستشمل كافة أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435، إضافة إلى ثلث أعضاء مجلس الشيوخ.
هذه الانتخابات التي يسعى ترامب من خلالها إلى استعادة منصبه الذي يرى أنه “سُرق منه” في انتخابات 2020، تشكّل لحظة حاسمة للاقتصاد العالمي الذي يراقب عن كثب ما ستؤول إليه النتائج وانعكاساتها على الاقتصاد والأسواق والشركات. ورغم أن هناك تقارير تشير إلى أن فرص هاريس قد تكون ضعيفة، إلا أنها تسعى لتقديم نفسها كمنافس مؤهل.
ما يقلّل من فرصة كامالا هاريس هو دورها كشريك أساسي في إدارة بايدن، التي تواجه انتقادات لأسوأ أداء اقتصادي في تاريخ أمريكا، وفقاً لمؤشرات التضخم العالية ونسب البطالة والفقر. وذكرت استبيانات أمريكية أن بعض الديمقراطيين قد يصوّتون للجمهوري ترامب بسبب السياسات الاقتصادية لإدارة بايدن ونائبته هاريس. بينما تُظهر نفس الاستبيانات أن ولاية ترامب السابقة شهدت تراجعاً في معدلات البطالة وانتعاشاً للصناعات الوطنية. ورغم أن الاستبيانات لا تقدم معلومات دقيقة، إلا أنها وسيلة لقياس الرأي العام الأمريكي إلى حد ما.
لكن ترامب أيضاً يروّج لنفسه عبر أجندات اقتصادية تُنذر بتحديات للاقتصادين الأمريكي والعالمي. وقد وجّه أكثر من نصف الحائزين على جائزة نوبل للاقتصاد في أمريكا رسالة تحذيرية بشأن سياسات ترامب الاقتصادية، وأكدوا أن سياسات هاريس ستدعم الاستثمارات والاستدامة والمرونة وفرص العمل، وستتفوق على أجندة ترامب التي وصفوها بأنها “غير منتجة”.
ماذا يريد ترامب؟
يعتزم ترامب رفع الرسوم الجمركية إلى 20% على الواردات في كافة المجالات، وبمعدلات تصل إلى 60% على الواردات الصينية، و200% على السيارات المصنوعة في المكسيك. ويؤكد ترامب أن هذا الرفع سيدعم الاقتصاد الأمريكي ويشجّع الشركات على إعادة التصنيع داخل البلاد. لكنه يواجه انتقادات حادة من الاقتصاديين الذين يرون أن المستوردين الأمريكيين هم من يتحمل عبء هذه الرسوم، مما يزيد التكاليف على المستهلكين ويعيد تأجيج التضخم.
حتى الجمهوريون انتقدوا سياسة الرسوم الجمركية، حيث أشار زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، إلى أن الرسوم الجمركية ترفع الأسعار على المستهلكين. ورداً على انتقادات ترامب، وصفت كامالا هاريس اقتراحه بأنه “ضريبة مبيعات ترامب”.
رغم أن إدارة بايدن أبقت على بعض الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، إلا أنها تدير هذه الرسوم بحذر وتختلف عن نهج ترامب الشامل. وتظهر البيانات أن قيمة المنتجات الصينية الواردة إلى أمريكا تبلغ نحو 350 مليار دولار، ما يعني أن الصين قد ترد برسوم جمركية انتقامية تصل إلى 60% على السلع الأمريكية.
وتحذّر صحيفة “بلومبيرغ” من أن تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية عالية على الصين قد لا توقف التقدم الصيني، لكنها قد تزيد التوترات الاقتصادية وتؤثر على القطاعات الزراعية الأمريكية، التي تعتمد بشكل كبير على السوق الصينية.
مأزق التضخم الأمريكي
فيما ينفي ترامب تأثير زياداته الضريبية على التضخم، يؤكد اقتصاديون أن هذه الزيادات تضغط على سلاسل الإمداد وترفع الأسعار. ويشير خبير الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا، كايل هاندلي، إلى أن زيادة الرسوم قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في المتاجر. ويقدّر الاقتصاديون أن سياسة ترامب قد تؤدي إلى زيادة التضخم بمقدار 0.6 نقطة مئوية أو أكثر.
وتشير مراجعات لسياسات ترامب خلال رئاسته السابقة إلى أن الرسوم الجمركية كلّفت المستهلكين الأمريكيين نحو 3.2 مليار دولار شهرياً في 2018. ويرى استطلاع حديث أن الأمريكيين أقل ميلاً لدعم مرشح يدعو لرفع الرسوم على الواردات، مع توقّع وول ستريت لارتفاع التضخم في حال فوز ترامب.
فوضى ترامب داخلياً وخارجياً
يسعى ترامب إلى إلغاء القيود التنظيمية وزيادة إنتاج النفط والغاز، في خطوة تؤثر على قطاع الطاقة المتجددة. كما يروج لترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما قد يؤثر على الاقتصاد الأمريكي الذي يعتمد على العمالة المهاجرة، وفقاً لتقرير من الكونغرس.
إلى جانب ذلك، يخشى المستثمرون من الخطاب العدائي الذي قد يؤثر سلباً على الأسواق المالية ويزيد التقلبات في الأسهم الأمريكية. كما أن سياسات ترامب الخارجية تميل إلى العزلة، مما يهدد العلاقات الأمريكية مع الحلفاء، ويزيد من المخاطر الجيوسياسية.
الشركات العالمية مهددة
من المتوقع أن تؤثر التوترات التجارية الناجمة عن فوز ترامب على شركات أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا، حيث قد تتضرر القطاعات المصدّرة لأمريكا وتعاني من تقييد على واردات السلع الوسيطة، وفقاً لتوقعات وكالة “فيتش”. وقد تتأثر بشكل خاص شركات صناعة السيارات، والتعدين، والنفط، بينما قد تستفيد قطاعات الدفاع والزراعة.
بخلاف بايدن، يعارض ترامب دعم السيارات الكهربائية ويعتبرها تهديداً لصناعة السيارات الأمريكية، ويؤكد ضرورة تخفيف القيود البيئية، مما قد يضر بالاستثمارات في الطاقة النظيفة.
العلاقات مع السعودية والخليج: العودة لكسب المال
يرى ترامب أن إدارة بايدن أفسدت العلاقات مع السعودية، ويؤكد على أهمية تحالفه مع الرياض، حيث يعتقد أن السعودية تحتاج إلى الحماية الأمريكية، وهو ما قد يعني توجيه سياسات أمريكا نحو تعزيز حضورها في الخليج مقابل دعم اقتصادي.
ويُذكر أن ترامب سبق ووصف السعودية بأنها “دولة ثرية ستعطي أمريكا بعضاً من ثروتها”. ويطرح المحللون سيناريوهات لجوء ترامب إلى صفقات دفاعية مع السعودية والخليج لجمع مزيد من الأموال، وسط توقعات بأنه سيدفع بملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل ويحدّ من العلاقات بين الرياض وروسيا.
المصدر: مرصد بقش الاقتصادي