شبه الجزبرة نت | محلي
في تصريح رسمي يعكس حجم التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني، أعلنت الحكومة اليمنية عن خسائر مباشرة تجاوزت 7.5 مليار دولار منذ توقف تصدير النفط والغاز في أكتوبر 2022، بسبب الهجمات المتكررة التي شنتها جماعة الحوثي على المنشآت الحيوية في المحافظات النفطية. ويُعد هذا الرقم مؤشراً خطيراً على حجم التراجع في الموارد المالية للدولة، خاصة وأن النفط والغاز يمثلان أكثر من 90% من إجمالي الصادرات، ويُشكلان قرابة 80% من إيرادات الموازنة العامة.
وخلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، حمّل السفير عبدالله السعدي، مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، جماعة الحوثي المدعومة من إيران، المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التصعيد العسكري لم يقتصر على الخسائر المادية، بل أسهم بشكل مباشر في تعميق الأزمة الإنسانية، وتعطيل دفع رواتب الموظفين الحكوميين، وإضعاف قدرة الحكومة على تمويل الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والكهرباء والمياه.
وأشار السعدي إلى أن هذه الممارسات لم تكن عشوائية أو عابرة، بل جاءت في سياق سياسة ممنهجة تهدف إلى خنق مؤسسات الدولة وإضعاف الشرعية، موضحاً أن الاستهداف الممنهج للبنية التحتية النفطية أدى إلى شلل في القطاعات الحيوية، وزاد من الاعتماد على المساعدات الإنسانية التي أصبحت غير كافية لتلبية احتياجات الملايين من المواطنين، في ظل تفاقم معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي.
وتطرق السعدي إلى التداعيات الإنسانية الكارثية التي تعصف بالبلاد، مشيراً إلى أن تدهور العملة الوطنية أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والدوائية، وسط تفشي الأوبئة وسوء التغذية، وازدياد الحاجة للدعم الإغاثي، لافتاً إلى أن اليمن يعيش اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وفي سياق متصل، وجه السعدي اتهامات مباشرة لجماعة الحوثي بعرقلة عمل المنظمات الإنسانية، واختطاف عدد من موظفي الأمم المتحدة، مطالباً المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ خطوات عملية لنقل مقار المنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن، لضمان أداء مهامها الإنسانية دون عوائق أو ضغوط سياسية وأمنية.
وشدد على أهمية تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية دولية، باعتبارها تمثل تهديداً مباشراً ليس فقط لأمن اليمن واستقراره، بل أيضاً لأمن الإقليم وحركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، داعياً إلى تجفيف منابع تمويلها ووقف تدفق السلاح إليها.
وأعرب السعدي عن تقدير الحكومة اليمنية للدعم السياسي والاقتصادي والإنساني الذي تقدمه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً أن هذا الدعم كان له الأثر الكبير في الحد من تداعيات الانهيار الكامل، إلا أن حجم الأزمة يتطلب تحركاً دولياً أكثر شمولاً واستدامة.
وحذّر السعدي من أن الصمت الدولي تجاه ما يحدث قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد، بما في ذلك اتساع رقعة الحرب وتهديد جهود السلام الهشة، داعياً إلى تعزيز الدعم الإنساني وسد فجوة التمويل التي تهدد حياة الملايين، والعمل على إعادة تشغيل منشآت النفط والغاز كخطوة أولى نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
تأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه اليمن تحولات معقدة على المستويين السياسي والإنساني، وسط تعثر جهود الوساطة الدولية، وغياب الحلول الدائمة، ما يضع البلاد أمام مفترق طرق حاسم بين استئناف عملية السلام أو الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والمعاناة.