شبه الجزيرة نت | دولي
في خطوة عسكرية غير مسبوقة، أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن عن تنفيذ هجوم صاروخي على مطار بن غوريون الدولي في إسرائيل، وذلك ضمن ما وصفته بردها العسكري على استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وأكدت مصادر إسرائيلية أن الضربة تسببت في إصابة عدد من الأشخاص بجروح خفيفة، وإحداث حالة من الارتباك الأمني في أهم مطار مدني داخل إسرائيل.
هذا الهجوم، الذي اعتمد على صواريخ باليستية بعيدة المدى، يمثل تصعيدًا نوعيًا في قدرات الحوثيين ويؤشر إلى مرحلة جديدة من التصعيد الإقليمي، حيث يتم توسيع دائرة العمليات العسكرية من البحر الأحمر إلى العمق الإسرائيلي، في إطار ما تسميه جماعات محور المقاومة بـ”وحدة الجبهات”.
تعليق واسع للرحلات الجوية الدولية إلى إسرائيل
عقب الهجوم الصاروخي على مطار بن غوريون، سارعت شركات طيران دولية إلى تعليق رحلاتها الجوية من وإلى إسرائيل، في ظل تحذيرات من أن المجال الجوي الإسرائيلي لم يعد آمناً.
في مقدمة هذه الشركات جاءت لوفتهانزا، التي علّقت جميع رحلاتها حتى السادس من مايو، تبعتها دلتا إيرلاينز الأميركية التي ألغت رحلة من نيويورك إلى تل أبيب. كما علّقت بريتيش إيرويز الرحلات حتى 7 مايو، بينما أعلنت شركات مثل إير إنديا، راين إير، ويز إير، إير يوروبا، وITA إيروايز قرارات مماثلة.
الحالة الأكثر لفتًا للأنظار تمثلت في قرار ترانسافيا الفرنسية إعادة طائرة كانت على وشك الهبوط في تل أبيب، بعد دقائق فقط من اقترابها من المجال الجوي الإسرائيلي. هذه الخطوات تعكس تدهور الثقة الدولية في أمن المطارات الإسرائيلية وتأثير ذلك على قطاع الطيران والسياحة.
الحوثيين: مطار بن غوريون لم يعد آمناً
في بيان رسمي نُشر عبر وسائل إعلامها، أكدت جماعة الحوثيين أن الضربة على مطار بن غوريون تأتي “رداً على العدوان المتواصل ضد غزة”، محذرةً شركات الطيران من استمرار الرحلات إلى الأراضي المحتلة. وقال البيان إن “مطار بن غوريون لم يعد آمناً”، داعيًا الشركات إلى “اتخاذ موقف مسؤول لحماية أرواح المدنيين”، مشيرًا إلى أن الضربات ستستمر ما دام القصف الإسرائيلي مستمرًا.
هذا التحذير ليس الأول من نوعه، إذ سبق للحوثيين أن أصدروا بيانات مشابهة بشأن السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل، وهو ما تسبب سابقًا في اضطرابات في سلاسل الإمداد عبر البحر الأحمر. التهديدات الجديدة توسّع رقعة الضغط العسكري لتشمل المجال الجوي الإسرائيلي، وهو تطور خطير له أبعاد عسكرية واقتصادية وأمنية.
إسرائيل تستنفر وتلوّح برد على الحوثيين في اليمن
ردًّا على العملية، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس الأمني المصغر. وصرّح وزير الدفاع يسرائيل كاتس بأن إسرائيل “سترد بقوة مضاعفة”، ملمحًا إلى إمكانية تنفيذ غارات جوية ضد أهداف في اليمن.
لكن في الوقت ذاته، تواجه إسرائيل ضغوطاً هائلة على عدة جبهات، ما يجعلها تفكر مرتين قبل فتح مواجهة مباشرة مع أنصار الله، خصوصاً في ظل انشغالها بعمليات عسكرية موسعة داخل غزة وتوترات مستمرة مع حزب الله في الشمال.
التحركات الإسرائيلية تُظهر مدى القلق من أن الضربة الحوثية قد تكون بداية مرحلة جديدة من الاستهداف المنظم للبنية التحتية الحيوية، خصوصًا المطارات والمنشآت الاستراتيجية داخل العمق الإسرائيلي.
خسائر اقتصادية وتعليق السياحة الجوية
الضربة الحوثية لم تؤثر فقط على البعد الأمني، بل تسببت في خسائر اقتصادية مباشرة لإسرائيل. إذ أدت إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية، وإلغاء أو تأجيل عشرات الرحلات، مما أضر بقطاعي السياحة والنقل الجوي. كما تشير التقديرات الأولية إلى خسائر مالية بملايين الدولارات خلال 24 ساعة فقط من الحادث، فضلًا عن تراجع ثقة شركات التأمين والمستثمرين الأجانب.
في هذا السياق، يرى خبراء أن استهداف مطار بن غوريون يوجّه ضربة معنوية واقتصادية، وقد يؤدي إلى إعادة تقييم أمن البنية التحتية الجوية الإسرائيلية من قبل المجتمع الدولي وشركات النقل العالمية.
توسع ساحة الصراع: من غزة إلى العمق الإسرائيلي
تُظهر الضربة الصاروخية الحوثية أن ساحة المواجهة باتت متعددة الأبعاد. فبينما تتركز الأنظار على غزة، هناك جبهة متنامية في اليمن قادرة على توجيه ضربات استراتيجية تطال إسرائيل من مسافات بعيدة.
ويرى محللون أن هذا التحول يعزز فكرة أن الحرب لم تعد مقتصرة على رقعة جغرافية واحدة، بل أصبحت معركة شاملة تخوضها أطراف منضوية ضمن محور المقاومة، بهدف ردع إسرائيل وفرض معادلات جديدة في ميزان الردع الإقليمي.
في هذا الإطار، تشكل الضربة الحوثية لمطار بن غوريون رسالة واضحة لإسرائيل وحلفائها بأن أمن الداخل لم يعد مضمونًا، وأن دعم الحرب على غزة ستكون له كُلفة متزايدة ومتعددة الجبهات.