شبه الجزيرة نت | مقالات | نزار السهلي
يعزز العدوان الإسرائيلي الأخير على ميناء الحديدة اليمني فرضية فقدان النظام الرسمي العربي لأمنه المشترك منذ عقود طويلة. كما يفاقم أزمة الاحتلال مع الشعب الفلسطيني ومقاومته ومع شعوب عربية تراقب بقهرٍ ما يجري، فالعدوان المستمر على غزة وعلى الشعب الفلسطيني يبقى المقياس الثقيل لهذا الأمن المزعزع تحت ضربات العدوان والاحتلال الإسرائيلي، دون وجود مواقف عربية قوية تدين العدوان أو تهدد بالتصدي له.
توضح الأحداث الجارية أن هناك أزمة حقيقية تعصف بأمن المنطقة نتيجة سياسات الاحتلال وجرائمه، بينما تركز الأنظمة العربية على أمنها الداخلي واستقرار بقاءها في السلطة، مما أدى إلى فقدان القرار والدور، وترك المجال مفتوحاً للطيران الإسرائيلي للتحليق ألاف الكيلومترات لقصف مدينة عربية، والاكتفاء ببعض التعليمات لجيوشها لضبط حدود الاحتلال ومراقبة جرائم الإبادة في غزة وفلسطين.
العدوان الإسرائيلي على اليمن يختلف عن واقعة هجمة المسيرات الإيرانية التي ردت على قصف قنصليتها في دمشق. ففي الأولى لم يكن هناك رد عربي مماثل لصد الصواريخ والمسيرات قبل وصولها لإسرائيل كما حدث في أبريل الماضي بالتعاون مع دول غربية.
يتضح من العدوان الإسرائيلي على اليمن أن النظام العربي تراجع عن أمنه، متبنيًا ذرائع إسرائيلية تسمح لها بالعدوان على أمنها وانتهاك سيادتها، مما شجع إسرائيل على توسيع عدوانها ليشمل اليمن، والتهديد بضرب أي هدف في المنطقة.
غياب التنديد العربي بالعدوان على اليمن يعكس مواقف عربية تدعم الاحتلال في عدوانه على غزة، وتسعى لإنهاء المقاومة واجتثاث حركة حماس، وتعتبر دعم المقاومة غريبًا عن النظام العربي، فيما تلقي باللوم على إيران في تحريك ضمائر وقلوب العرب والمسلمين لمواجهة الاحتلال.
السياسات العربية الراهنة مكنت الاحتلال الإسرائيلي من أن يكون اللاعب الرئيسي على الساحة، حيث يستهدف السيادة السورية والفلسطينية دون ردود فعل قوية. النظام السوري يتعامل مع الهجمات الإسرائيلية على أنها تستهدف ميليشيات إيران في سوريا، غير معنية بإسقاط النظام. كما يلتزم النظام المصري بدور محدود في التعامل مع غزة، مما يعزز من الهيمنة الإسرائيلية.
العوامل المشتركة للأمن العربي كانت تتمحور حول خلق عدو مشترك (الإرهاب) بعيدًا عن الاحتلال الإسرائيلي. المخيلة العربية القارئة لمجريات العدوان على غزة واليمن ولبنان وسوريا وفلسطين تشير إلى تنازل العرب عن دورهم الأمني لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية.
في الختام، يبقى السؤال الذي يشغل عقل العربي حول دور الجيش والأمن العربي، إلى متى يستمر هذا الاطمئنان الصهيوني لعدم ردود الفعل العربية القوية؟ بعض الأجوبة يمكن العثور عليها في تجارب الثورات العربية، وبعضها الآخر محفوظ في صدور المقاومين في غزة وبقية مدن فلسطين، والوجدان العربي الذي لا يزال يقاوم محاولات إطفاءه بنخوة عربية لنجدة المحتل.
التوصيات
- ضرورة تعزيز المواقف العربية الرافضة للعدوان الإسرائيلي.
- التركيز على إعادة تفعيل الدور العربي في مواجهة الاحتلال ودعم المقاومة.
- توحيد الجهود العربية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.