شبه الجزيرة نت | البحر الأحمر
قالت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية إن الفشل في ردع قوات حكومة صنعاء واستعادة السيطرة على البحر الأحمر يمثل أكبر انتكاسة وجودية للبحرية الأمريكية منذ خمسين عاماً، مما يهدد استقرار التجارة البحرية الأمريكية التي تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات.
وفي مقال تحليلي أعده الكاتب ستيف كوهين، أشار إلى أن “البحرية الأمريكية عانت في الأشهر القليلة الماضية من أكبر انتكاسة لها منذ خمسين عاماً، وهي كارثة تفوق في تدميرها غرق السفينة (بون هوم ريتشارد) أو فقدان 17 بحاراً في تصادم المدمرتين”.
وأضاف كوهين: “تُعد هذه نكسة وجودية تثير تساؤلات حول سبب أساسي لوجود البحرية نفسها. يبدو أن البحرية تتخلى عن مهمتها الأساسية المتمثلة في إبقاء الممرات البحرية الحيوية مفتوحة للتجارة. بعد انتشار دام تسعة أشهر لاستعادة السيطرة على البحر الأحمر من الحوثيين في اليمن، عادت مجموعة حاملة الطائرات (دوايت د. أيزنهاور) إلى الولايات المتحدة دون إزاحة الحوثيين”.
وأشار إلى أن “النقل البحري يمثل 5.4 تريليون دولار من التجارة الأمريكية السنوية ويدعم 31 مليون وظيفة أمريكية”. وأضاف أن “سفن الشحن حولت مسارها عبر رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما أضاف أكثر من 11,000 ميل، وأسبوع إلى أسبوعين لكل رحلة، ومليون دولار إضافية من الوقود لكل رحلة. كما ارتفعت أقساط التأمين بنسبة 1000%، والحاوية التي كانت تكلف 1500 دولار للشحن أصبحت تكلف الآن 6000 دولار”.
وأوضح كوهين أن “الحفاظ على الممرات البحرية مفتوحة كان جزءاً أساسياً من مبرر وجود البحرية منذ تأسيس الجمهورية، وقد تم إنشاء البحرية لحماية الشحن التجاري. كما قال جون كينيدي ذات يوم: يتعين على الولايات المتحدة السيطرة على البحر إذا كانت راغبة في حماية أمننا”.
ومع ذلك، “عندما عادت مجموعة (أيزنهاور) القتالية إلى نورفولك الشهر الماضي، لم ترفع لافتة تعلن أن المهمة قد أنجزت. بل، على العكس، أصدرت البحرية رسالة كانت، في أحسن الأحوال، أقل من ملهمة، حيث تفاخرت بأن هذا الانتشار كان غير مسبوق. لم يكن طويلاً بشكل غير عادي فحسب، بل كان أيضاً أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تتعرض فيها حاملة طائرات أمريكية لتهديد مباشر مستمر من عدو”، كما ذكر المقال.
وأشار إلى أن “السفن الأمريكية أطلقت 155 صاروخاً من طراز ستاندرد-2 ضد طائرات الحوثيين بدون طيار، و135 صاروخاً من طراز توماهوك على أهداف برية، وأطلقت الطائرات البحرية ما يقرب من 60 صاروخاً جو-جو و420 سلاحاً جو-أرض”.
ومع ذلك، بحسب المقال، “فشلت المهمة”. وأكد كوهين أن “الحوثيين ما زالوا يسيطرون على البحر الأحمر، ورغم كل الجهود والتفاني والمهارة التي أظهرها البحارة وأطقم الطائرات، فإن كل ذلك كان أقل من أن يؤدي إلى إنجاز المهمة”.
ورأى كوهين أن هناك “سببين محتملين: الأول أن البحرية الأمريكية تفتقر إما إلى الوسائل والخبرة اللازمة للقيام بأي شيء حيال ذلك، والثاني أن إدارة بايدن خلصت إلى أن التكلفة أو المخاطر أو القيمة الاستراتيجية المترتبة على تحقيق مثل هذه المهمة لا تستحق الجهد السياسي المبذول. ولكن أياً كان السبب، فإن الفشل قوض أحد الأسباب الرئيسية للحفاظ على بحرية باهظة التكاليف”.
واقترح كوهين ثلاث طرق لمعالجة مشكلة سيطرة الحوثيين المستمرة. أولاً، يجب الاعتراف بأن الأدوات التي تستخدمها البحرية كانت غير مناسبة إلى حد كبير للمشكلة، حيث بلغت تكلفة كل صاروخ (توماهوك) و(ستاندرد 2) مليوني دولار على الأقل، من أجل استهداف طائرة بدون طيار بقيمة 2000 دولار. وحتى في مواجهة ما نتعلمه من الحرب بين روسيا وأوكرانيا حول استخدام الطائرات بدون طيار، فإننا لا نتكيف بالسرعة الكافية لتجهيز سفننا لهذا الواقع الجديد غير المتماثل.
ثانياً، ينبغي عدم الميل إلى قياس المدخلات – الذخائر التي يتم إطلاقها – بدلاً من النتائج، وهذا هو التفكير الذي كان سائداً في حقبة حرب فيتنام. بدلاً من ذلك، يتعين على البحرية أن تقيس نجاحها بالنتائج التي تحققها.
ثالثاً، يجب على الزعماء السياسيين أن يكونوا صريحين بشأن إرسال قوة بحرية غير مجهزة بشكل جيد في مهمة غير محددة المعالم، وأن يتحملوا المسؤولية عن ذلك.
واختتم بالقول: “نحن الآن في خضم منافسة انتخابية متقاربة، ومن غير المرجح أن يعترف أي مرشح بأننا لا نملك الموارد (أو الإرادة السياسية) اللازمة لاستعادة السيطرة على هذا الممر البحري الحيوي. ولكن حتى ذلك الحين، لا ينبغي لنا أن نرسل شبابنا وشاباتنا إلى الخطر بدون تزويدهم بالمعدات المناسبة للقيام بهذه المهمة وإنجاز مهمة محددة المعالم”.