شبه الجزيرة نت | اقتصاد عربي
في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، تواصل الحكومة المصرية سعيها لبيع أصول استراتيجية ضمن برنامج الخصخصة، وأبرزها “بنك القاهرة” أحد أعرق البنوك الحكومية في البلاد. إلا أن المفاوضات مع بنك الإمارات دبي الوطني تعثرت بسبب خلاف حول التقييم المالي الكامل للبنك، ما أعاد الجدل الشعبي والسياسي حول خطورة التفريط في مؤسسات اقتصادية سيادية.
تفاصيل الصفقة المتعثرة
منذ مطلع 2025، تسعى الحكومة المصرية لبيع كامل أسهم “بنك القاهرة” لصالح مستثمر إماراتي. وتفيد تقارير اطلعت عليها وكالة بلومبيرغ أن الإمارات عرضت في البداية 1.2 مليار دولار ثم رفعت العرض إلى 1.5 مليار، بينما تصر الحكومة المصرية على 1.8 مليار دولار كقيمة عادلة.
هذا التعثر يأتي بعد سنوات من فشل الحكومة في طرح أسهم البنك بالبورصة رغم تسجيلها رسميًا منذ عام 2017. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإماراتي بنهاية يونيو، تدرس الحكومة طرح حصة من البنك في البورصة المصرية خلال المرحلة المقبلة.
بنك القاهرة: مؤسسة استراتيجية أم سلعة للبيع؟
بنك القاهرة، ثالث أكبر بنك حكومي مصري، يمتلك شبكة ضخمة من 248 فرعًا و1640 جهاز صراف آلي ويخدم أكثر من 3 ملايين عميل. وتثير صفقة بيعه انتقادات واسعة من قبل خبراء الاقتصاد ومواطنين، خاصةً مع المخاوف من التقييم المنخفض وتأثيرات سعر الصرف على قيمة الأصول.
محامون مصريون رفعوا دعوى عاجلة أمام مجلس الدولة لوقف إجراءات البيع، مؤكدين أن التفريط في بنك بحجم وتأثير “بنك القاهرة” يمثل تهديدًا للأمن الاقتصادي ويقوّض استقلالية النظام المصرفي المصري.
مخاوف السيادة وتبعات اقتصادية خطيرة
يرى مراقبون أن بيع مؤسسات مالية سيادية مثل البنوك الحكومية لصالح مستثمرين أجانب – وبشكل خاص من دول الخليج – يعمّق من التبعية الاقتصادية، ويقلّص قدرة الدولة على توجيه السياسة النقدية بما يخدم أولوياتها الداخلية.
فعند انتقال الملكية، تتحكم الجهات الأجنبية في قرارات التمويل والإقراض وتوزيع الأرباح، مما يقلص قدرة الدولة على استخدام هذه المؤسسات كأدوات دعم للاقتصاد المحلي في فترات الأزمات. كما قد تتغير أولويات التمويل لتناسب مصالح المستثمر لا مصالح التنمية الوطنية.
خطة خصخصة أوسع تحت المجهر
لا يقتصر الأمر على “بنك القاهرة”. فالحكومة المصرية عرضت أيضًا حصصًا من “بنك الإسكندرية” و”المصرف المتحد” للبيع أو الطرح العام ضمن ما يُعرف بـ”وثيقة سياسة ملكية الدولة” والتي تهدف إلى توسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
رغم أن الخصخصة قد تُحقق سيولة آنية، إلا أن الخبراء يحذّرون من أنها قد تؤدي إلى تفكيك دور الدولة في القطاعات الحيوية، وزيادة هشاشة الاقتصاد أمام التحولات الإقليمية.
المصدر: المرصد الاقتصادي بقش