شبه الجزيرة نت | أخبار الشحن
في ظل الشلل شبه الكامل الذي يعانيه ميناء إيلات جراء تصاعد التهديدات في البحر الأحمر، تتجه إسرائيل لإطلاق مشروع هو الأكبر في تاريخ المدينة الجنوبية، يقضي بنقل الميناء إلى موقع جديد قرب حدود العقبة، متصل بالبحر عبر قناة صناعية بطول 3.6 كيلومترات، في خطوة تصفها تل أبيب بأنها “استراتيجية لإنقاذ الجنوب الاقتصادي”.
ويأتي المشروع وسط تراجع حركة الشحن التجاري وتقلص إيرادات الميناء إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى البحث عن حلول جذرية لإنعاشه، ورسم خريطة اقتصادية جديدة لمدينة إيلات على غرار المدن الساحلية المزدهرة في الخليج.
تحويل إيلات إلى مركز تجاري وسياحي
بحسب صحيفة كالكاليست الاقتصادية، تتجاوز الخطة فكرة نقل الميناء فحسب، إذ تتضمن توسيع الساحل من 14 إلى 35 كيلومتراً وتحويل موقع الميناء الحالي إلى منطقة سياحية وفندقية ضخمة، إلى جانب بناء جزر صناعية على غرار التجربة الإماراتية في دبي.
وتسعى إسرائيل لربط الميناء الجديد بشبكة السكك الحديدية الوطنية، ليكون شرياناً لوجستياً يصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط، ويمنح الجنوب الإسرائيلي موقعاً محورياً في حركة التجارة الإقليمية والدولية.
نفوذ رجال الأعمال والمصالح السياسية
في قلب المشروع يبرز اسم رجل الأعمال شلومي فوجل، أحد المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قدم للحكومة خطة استثمارية متكاملة تشمل تطوير الميناء واستثمار الأراضي المحيطة به.
ويرى مراقبون أن هذا الظهور يسلط الضوء على تشابك المصالح الخاصة والسياسات الحكومية، إذ تستعد شركات إسرائيلية وهندية لدخول المنافسة على امتيازات المشروع الذي يقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
أمن البحر الأحمر ودوافع النقل
رغم أن نقل الميناء لن يشكل حلاً كاملاً لمعضلة التهديدات البحرية، إلا أنه يمنح إسرائيل عمقاً جغرافياً إضافياً ويبعد المنشأة عن مرمى الهجمات المباشرة، في وقت تتواصل فيه العمليات ضد السفن المرتبطة بها في البحر الأحمر.
ويرى محللون أن الخطة تمثل محاولة للهروب من الواقع الأمني والجغرافي الصعب، وإعادة تموضع استراتيجي في مواجهة النفوذ المتنامي لقوى إقليمية فاعلة في ممرات التجارة.
تحديات بيئية وتمويلية
المشروع، الذي يُتوقع اكتماله في عام 2035، يواجه عقبات بيئية وقانونية، إلى جانب حاجة لتمويل ضخم وإعادة هيكلة تشريعية تتيح تسريع التنفيذ ضمن قانون البنى التحتية الوطنية.
ورغم هذه التحديات، تمضي تل أبيب في خطتها لتأهيل إيلات كمركز جذب تجاري وسياحي منافس لمدن الخليج، ضمن مشهد يتقاطع مع مشاريع إقليمية كبرى مثل “نيوم” السعودية والممر الاقتصادي الهندي-الأوروبي، فضلاً عن توسع الموانئ المصرية والنفوذ الإماراتي البحري.
خلاصة
في جوهره، يعكس المشروع سعي إسرائيل لكسر قيود الجغرافيا والأمن البحري، ومحاولة إعادة تموضع في معركة النفوذ على ممرات التجارة العالمية.
لكن بينما تطمح تل أبيب لتحويل إيلات إلى “دبي جديدة” على البحر الأحمر، يبقى التساؤل قائماً:
هل ستنجح في تحويل الطموح إلى واقع اقتصادي مزدهر؟ أم أن المشروع سيظل حلماً باهظ التكلفة تحاصره السياسة والمخاطر الإقليمية؟