شبه الجزيرة | محلي
في خطوة تصعيدية لافتة تعكس التحولات في الموقف السياسي والاقتصادي للعاصمة اليمنية صنعاء، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، فرض حظر شامل وكامل على دخول وتداول جميع المنتجات الأمريكية والإسرائيلية في اليمن. ويأتي هذا القرار في إطار ما وصفته صنعاء بـ”التصعيد الممنهج ضد السياسات العدوانية الأمريكية والإسرائيلية”، في سياق تضامنها المستمر مع الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة، ورداً على الهجمات التي تستهدف الأراضي اليمنية بين الحين والآخر.
وبحسب القرار الذي صدر اليوم الأربعاء، فقد تم منح مهلة زمنية مدتها ثلاثة أشهر، تبدأ من تاريخ الإعلان، للجهات الرسمية والخاصة من أجل الالتزام التام بتنفيذ الحظر، واتخاذ الترتيبات اللازمة لسحب هذه المنتجات من الأسواق ووقف استيرادها كلياً. وأكد المشاط أن تداول أي منتج يحمل علامة تجارية أمريكية أو إسرائيلية سيُعدّ مخالفة قانونية جسيمة بعد انقضاء المهلة، وسيُعرض المخالفين للمساءلة القانونية والعقوبات الصارمة.
ووجّه المشاط وزارة الاقتصاد والصناعة في حكومة صنعاء بسرعة إعداد اللوائح التنظيمية والإجراءات التنفيذية التي تضمن تنفيذ القرار بشكل دقيق وفعّال، ومن دون استثناءات. كما شدد على أهمية التنسيق مع الجهات الرقابية والأمنية لتفعيل آليات المتابعة والمحاسبة وضبط أي عمليات تهريب أو تداول غير قانوني للمنتجات المحظورة.
وفي كلمة وجهها إلى الشعب اليمني، دعا المشاط المواطنين إلى دعم القرار عبر الالتزام بمقاطعة كافة التجار والمؤسسات التي تستمر في التعامل مع المنتجات الأمريكية والإسرائيلية، مشيراً إلى أن نجاح هذه الخطوة يعتمد في المقام الأول على وعي المجتمع وتعاونه. كما أشاد بما وصفه بـ”الروح الوطنية العالية لدى الشعب اليمني” التي لطالما برزت في مواجهة التحديات والاعتداءات الخارجية.
وأضاف المشاط أن الحظر لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط، بل يمثل موقفاً سيادياً يعبر عن رفض الشعب اليمني لكل أشكال الهيمنة والاستعمار الحديث، ويعكس إرادته الحرة في اتخاذ قراراته الوطنية بعيداً عن أي ضغوط خارجية. وقال إن اليمن، رغم الحصار والحرب، يثبت يوماً بعد يوم أنه قادر على حماية قراره السياسي والاقتصادي، وأنه يقف بثبات إلى جانب قضايا الأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين.
هذا القرار أثار تفاعلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية داخل اليمن، حيث اعتبره كثيرون خطوة جريئة تأتي في توقيت حساس، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وزيادة وتيرة الاستهداف الإسرائيلي الأمريكي لمناطق متعددة في اليمن، وخاصة في البحر الأحمر.
ويرى مراقبون أن هذا القرار قد تكون له تداعيات اقتصادية على المدى القصير، خاصة في ظل اعتماد الأسواق اليمنية على عدد من المنتجات المستوردة، إلا أن صنعاء تراهن على بدائل محلية وإقليمية، وعلى دعم شعبي واسع لتطبيق القرار بكل صرامة.
وتؤكد حكومة صنعاء أن هذه الخطوة ليست معزولة، بل تأتي ضمن حزمة من الإجراءات السياسية والاقتصادية القادمة، التي تهدف إلى تعزيز السيادة الوطنية وتحرير القرار اليمني من التبعية الخارجية، ودفع التجار ورجال الأعمال إلى التوجه نحو دعم الاقتصاد الوطني والاستثمار في الصناعات المحلية.
في الوقت ذاته، لم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من الجانب الأمريكي أو الإسرائيلي على القرار اليمني، فيما يُتوقع أن تتابع الدوائر الغربية هذا التطور عن كثب، خاصة وأنه يأتي في سياق مواقف متصاعدة من صنعاء ضد ما تصفه بـ”العدوان على غزة والشعب اليمني”.