شبه الجزيرة | الاقتصاد
في تطور لافت قد يعكس توجهاً أكثر استقلالية في السياسة النفطية، أعلن وزير الطاقة في كازاخستان، إرلان أكينجينوف، أن بلاده ستقدّم المصالح الوطنية على التزاماتها ضمن تحالف أوبك+ عند اتخاذ قرارات تتعلق بمستويات إنتاج النفط، في حال لم تلقَ تعديلاتها قبولاً من قبل شركائها في التحالف.
وقال أكينجينوف، في مقابلة مع وكالة “رويترز”، إن بلاده ستحاول أولاً تعديل إجراءاتها بالتنسيق مع شركاء أوبك+، لكنها لن تتردد في اتخاذ خطوات منفردة عند الضرورة، مضيفاً: “إذا لم يكن شركاؤنا راضين عن تعديل إجراءاتنا، فسنتصرف وفقاً للمصالح الوطنية، مع كل ما يترتب على ذلك من عواقب”. واعتبر الوزير أن هذه الصيغة تعبر عن الوضع الراهن بكل تعقيداته.
ورغم هذه التصريحات التي تشير إلى استعداد كازاخستان للابتعاد عن التزاماتها ضمن أوبك+ إذا اقتضت مصلحتها الوطنية ذلك، شددت وزارة الطاقة، في بيان لاحق، على التزام البلاد بدورها كـ”شريك مسؤول في المجتمع الدولي للطاقة”، وأكدت حرصها على ضمان التوازن في السوق العالمية وتحقيق الاستقرار من خلال التعاون مع أوبك+.
وأوضح أكينجينوف أن تحالف أوبك+ يظل أداة استراتيجية لكازاخستان لتحقيق الاستقرار في الأسواق العالمية، وتهيئة مناخ مناسب لجذب الاستثمارات وتنفيذ الخطط الوطنية، مضيفاً أن بلاده “ملتزمة بالعمل البنّاء ضمن إطار الاتفاق، وستواصل الوفاء بالتزاماتها الدولية”.
وعلى الرغم من هذا الموقف الرسمي، كشفت البيانات عن تجاوز كازاخستان المتكرر لحصص إنتاج النفط المحددة لها خلال العام الماضي، الأمر الذي أثار استياء عدد من أعضاء أوبك+، خاصة السعودية، التي دعت في الاجتماع الأخير إلى تسريع خفض الإنتاج في المجموعة. ووفقاً لرويترز، فإن إنتاج كازاخستان انخفض بنسبة 3% خلال الأسبوعين الأولين من أبريل مقارنة بمتوسط مارس، لكنه لا يزال أعلى من الحصة المقررة.
وتنتج كازاخستان حالياً نحو 2% من إجمالي الإنتاج العالمي للنفط، لكنها تعتمد بشكل كبير على شركات طاقة عالمية كبرى مثل شيفرون وإكسون موبيل، اللتين استثمرتا مئات المليارات من الدولارات في البلاد منذ تفكك الاتحاد السوفيتي.
وفيما يتعلق بمشاريع الإنتاج الكبرى، أشار أكينجينوف إلى أن الحكومة لا تملك السيطرة الفعلية على العمليات الإنتاجية في ثلاثة من أكبر الحقول النفطية في البلاد، وهي تنجيز، وكاشاجان، وكاراتشاجاناك، والتي تُشغّلها شركات غربية عملاقة. وأضاف: “لا نتحكم في هذه العمليات هناك، لأن زملاءنا الدوليين هم من يتخذون القرارات”.
وتشكل هذه الحقول الثلاثة نحو 70% من إجمالي إنتاج البلاد، بينما تعتمد بقية الحقول على آبار ناضجة يصعب إغلاقها دون المخاطرة بخسائر فادحة. وحذر الوزير من أن خفض الإنتاج في هذه الحقول قد يؤدي إلى فقدانها تماماً: “إذا بدأنا في إغلاق الحقول القديمة، فسيكون ذلك بمثابة ضربة موجعة”.
ورغم التحديات، أعلنت كازاخستان التزامها بتعويض الفائض في الإنتاج عبر خفض تدريجي حتى يونيو 2026، وهي خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة محاولة للتوفيق بين ضرورات السوق المحلية وقيود التحالف الدولي.
ويُذكر أن منظمة أوبك+ كانت قد شهدت في السنوات الأخيرة توترات متكررة مع بعض الدول الأعضاء بسبب تجاوزات في الإنتاج، مثل نيجيريا وأنغولا، حيث انسحبت الأخيرة من التحالف في عام 2023 احتجاجاً على القيود المفروضة، كما انسحبت قطر من أوبك في 2018 لأسباب تتعلق بتركيزها على الغاز الطبيعي.
ومع هذه التطورات، تبدو كازاخستان عالقة بين التزاماتها الدولية والضغوط المحلية والاقتصادية، وهي تسير على خط دقيق تحاول من خلاله الحفاظ على علاقاتها داخل أوبك+ دون التفريط بسيادتها ومرونتها في إدارة قطاع الطاقة.