شبه الجزيرة نت | تكنولوجيا
في عام 2014، اندلعت معركة غير معلنة في عالم التكنولوجيا بين اثنين من عمالقة القطاع: جيف بيزوس، مؤسس أمازون، وجوجل. معركة بدأت بشكل سري، لكنها كانت موجهة بشكل واضح نحو تغيير موازين القوى في العالم الرقمي.
البداية: جوجل تهيمن على العالم الرقمي
بحلول عام 2014، كانت جوجل قد استحوذت على حصة كبيرة من العالم الرقمي، إذ كان 90% من مستخدمي الإنترنت يعتمدون على محرك البحث الخاص بها للبحث عن المعلومات. مع تزايد استخدام محرك البحث، كانت جوجل تجني مليارات الدولارات من الإعلانات، مما جعلها القوة المهيمنة في مجال الإنترنت.
لكن بيزوس كان يرى الصورة بعيون مختلفة. على الرغم من أن جوجل كانت تملك تقنيات متطورة، إلا أن بيزوس كان يدرك أن قوة جوجل الحقيقية كانت تكمن في البيانات. كلما ازداد استخدام الناس لمحرك البحث، أصبحت نتائجه أكثر دقة. هذه الحلقة من التحسن المستمر جعلت من جوجل ما هي عليه اليوم، ومع ذلك، قرر بيزوس أنه حان الوقت للتحرك.
الخطوة الجريئة: أمازون تغير قواعد اللعبة
في 2014، فاجأت أمازون الجميع بإطلاق جهاز “أليكسا” ومكبرات الصوت Echo. لكن هذا لم يكن مجرد إطلاق لمنتجات جديدة؛ بل كان بمثابة إعلان حرب على جوجل. لماذا؟ لأن أمازون لم تطلق هذه المنتجات لتكون مجرد أدوات تقنية؛ بل كانت تهدف إلى تغيير طريقة البحث إلى الأبد.
بدلاً من البحث في جوجل عن “أفضل معجون أسنان”، سيستخدم الناس “أليكسا، اطلب معجون أسنان”. مع كل استخدام لجهاز أليكسا، كانت أمازون تنقض على جزء من العملاء الذين كانوا في السابق يعتمدون على جوجل. مع هذه الخطوة، بدأت أمازون في بناء نظام بيئي موازٍ لجوجل يعتمد على الأوامر الصوتية.
رد جوجل السريع: حرب الذكاء الاصطناعي
بحلول عام 2016، ردت جوجل بهجوم مضاد. أطلقت “مساعد جوجل” الصوتي Google Assistant، وأدمجته في جميع هواتف أندرويد. لم تقتصر جهود جوجل على ذلك فقط، بل قامت بشراء شركة “DeepMind” لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما بدأت في تصنيع أجهزة منزلية ذكية.
ومع ذلك، كان هذا الرد مجرد بداية لحرب كبيرة على الصوت، حيث بدأت الشركتان في استخدام الذكاء الاصطناعي لتوسيع نطاق تواجدهما إلى كافة جوانب الحياة اليومية.
المعركة الكبرى: التواجد في كل زاوية من حياتك
دخلت أمازون وجوجل في سباق محموم لضخ مليارات الدولارات في هذا الصراع. أمازون ضخّت الأموال في أسواق مكبرات الصوت Echo، بينما قامت جوجل بتطوير منتجات “Nest” الذكية لتعمل بسلاسة مع مساعدها الصوتي.
لكن المعركة لم تكن مقتصرة على الأجهزة الذكية فقط، بل توسعت لتشمل كافة جوانب الحياة اليومية. فقد كانت الشركتان تسعيان للهيمنة على كل زاوية من منزلك، بدءًا من السيارات، والثلاجات، وأنظمة التدفئة والتبريد، وصولاً إلى كاميرات الأمن. الهدف كان بسيطًا: أن تصبح الشركة هي الصوت الذي يتفاعل معه المستخدم طوال اليوم.
من انتصر؟
في النهاية، بينما كانت أمازون تتفوق في مجال التسوق بفضل متجرها الضخم، كانت جوجل تحقق تفوقًا في الرد على الأسئلة بفضل البيانات التي كانت تملكها. وبالرغم من أن الشركتين قد فشلتا في هيمنة شاملة على السوق، إلا أنهما تعلمتا درسًا مشتركًا: أفضل التقنيات ليست الأكثر تعقيدًا، بل هي التي تجعل الأشياء الصعبة بسيطة.
المعركة بين أمازون وجوجل، رغم أنها قد تكون قد تراجعت قليلاً في أعين الجمهور، إلا أنها أسفرت عن تغيير جذري في كيفية تفاعلنا مع التكنولوجيا، وكيف ستستمر هذه الشركات في تشكيل المستقبل الرقمي.