شبه الجزيرة نت | اقتصاد
غزت السيارات الصينية العالم في كافة الأسواق الدولية في الولايات المتحدة وأوروبا و آسيا و أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وهو ما يمكن اعتباره غيَّر من ملامح وآليات وخطط أسواق السيارات العالمية برمَّتها.
وتتوقع تحليلات صناعة السيارات وفقاً لمرصد بقش الاقتصادي، أن تزداد حصة شركات صناعة السيارات الصينية عالمياً من 21% إلى 31% بحلول عام 2030، وتشير دراسة لشركة أليكس بارتنرز إلى أن الصين ستستحوذ على 12% من سوق السيارات في أوروبا، و72% من سوقها المحلية بحلول نهاية العقد الجاري.
ويعود سبب هذا النمو السريع إلى التطورات السريعة في التكنولوجيا وتكاليف الإنتاج المنخفضة، مما يمنح العلامات التجارية الصينية ميزة تنافسية على منافسيها الغربيين، وعلى الأرجح قد يصل تصنيع واحدة من كل ثلاث سيارات مباعة عالمياً في عام 2030 إلى شركة تصنيع سيارات صينية، وهو ما يمثل تحولاً استراتيجياً في السوق العالمية للسيارات.
وحسب البيانات، فإن مبيعات شركات السيارات الصينية خارج الصين مرشحة للارتفاع من 3 ملايين سيارة في عام 2024 إلى 9 ملايين سيارة بحلول نهاية العقد الجاري وفق متابعات بقش، ويأتي هذا التنبؤ وسط تعزيز الصين لقدراتها التصنيعية والتكنولوجية، مقابل تحديات التعريفات الجمركية والمنافسة العالمية المتزايدة.
المخاوف الأمريكية والغربية
تمثل الطفرة الصناعية للسيارات في الصين مصدر قلق كبيراً لصناعي السيارات في أوروبا والولايات المتحدة، فقد توسع القطاع الصيني بشكل سريع وأصبح يفوق احتياجات السوق لكنه لا يزال يواصل التصدير، وهو ما قلق عبَّرت عنه حديثاً شركة فولكس فاغن الألمانية.
إذ تقول الشركة إن السوق الأوروبية تتقلص بسبب تزايد المنافسة والارتفاع الهائل للطلب على السيارات الكهربائية والمنافسة المتزايدة من الصين، مقابل تراجُع عدد السيارات الأوروبية المبيعة في أوروبا، وهو ما دفع الشركة -لأول مرة وفقاً لمتابعات بقش- إلى اتخاذ قرار بإغلاق مصانع لها في ألمانيا وإنهاء ضمانات الوظائف في 6 مصانع، وذلك لخفض التكاليف بقيمة 11 مليار دولار.
وفي أمريكا، وخلال حملته الرئاسية الأمريكية، أعلن المرشح ترامب انفتاحه على السماح للسيارات الصينية بالدخول إلى الولايات المتحدة شريطة أن تكون مصنوعة محلياً، حيث عبَّر عن خيبة أمله في قيام شركات السيارات الصينية ببناء مصانعها في المكسيك بدلاً من الولايات المتحدة.
وقال إن الصين قامت ببناء مصانع كبيرة عبر الحدود في المكسيك لإنتاج سيارات لبيعها في الولايات المتحدة، ودعا إلى بناء هذه المصانع في الولايات المتحدة على أن يتولى الأمريكيون إدارة هذه المصانع حسب اطلاع بقش، وذلك في إطار المخاوف الأمريكية من الصناعة الصينية التي تغزو كافة الأسواق.
لكن ورغم انفتاح ترامب على السيارات الصينية في أمريكا طالما أنها مصنوعة في أمريكا، إلا أن سياسته تشبه سياسة بايدن فيما يخص استيراد السيارات الصينية، وقد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السيارات الصينية المصنوعة في المكسيك لمنعها من دخول البلاد، وهو ضعف الضرائب الحالية التي فرضتها إدارة بايدن مؤخراً.
كما أن ترامب اعتبر أنه في حال خسر انتخابات 2024 فإن ذلك سيكون بمثابة “حمَّام دم لصناعة السيارات الأمريكية” بسبب القدرة الصينية الهائلة في هذه الصناعة والتي تهدد الصناعة الأمريكية.
كما فرضت أوروبا رسوماً جمركية على السيارات الكهربائية الصينية بنسبة 48%، وقال الاتحاد_الأوروبي إنه بعد اتخاذه القرار، استعدَّ لأية إجراءات انتقامية من قبل الصين، حيث اعتبرت الأخيرة هذا القرار غير مقبول.
وجاءت خطوة الاتحاد الأوروبي في سياق أوسع من التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، حيث ألزم الاتحاد شركات صناعة السيارات ببيع السيارات الكهربائية الجديدة فقط بحلول عام 2035، مع حصص إضافية تبدأ بما يزيد قليلاً على 20% هذا العام وتتصاعد إلى نحو 80% بحلول عام 2030.
وقد ألمحت الصين باستهداف سيارات السيدان وسيارات الدفع الرباعي الألمانية عالية القيمة التي تعمل بالبنزين، لكن مع ذلك يحذر خبراء من احتمال حدوث رد فعل صيني أكثر قوة وفقاً لوكالة رويترز، في الوقت الذي ترى الصين أن الاتحاد الأوروبي قد دخل معها “حرباً تعريفية” حسب توصيف مجلة فوربس.
لكن حتى مع فرض الرسوم الجمركية على السيارات الصينية بما فيها السيارات الكهربائية الأرخص، فإن مبيعات هذه السيارات ستستمر في النمو بسبب مزايا التكلفة، وفقاً لفوربس، مشيرةً إلى أن العلامات التجارية الأوروبية تفتقر حالياً إلى الكفاءات وهياكل التكلفة المنخفضة التي تتمتع بها شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية.
المصدر: مرصد بقش الاقتصادي