شبه الجزيرة نت | البحر الأحمر | اقتصاد
يجد المصنعون في إسرائيل صعوبة في استيراد المواد الخام وتصدير المنتجات إلى عملائهم في الخارج، مما يؤدي إلى تأخير في عمليات الإنتاج والتسليم، والإضرار بقدراتهم على المنافسة، وخسارة العملاء والإيرادات، مع استمرار تعرض السفن المرتبطة بإسرائيل لهجمات متكررة من قبل حكومة صنعاء.
وتتحدث عن ذلك صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية، بقولها إن اضطرابات حركة الطيران لم تعد مقتصرة على رحلات نقل الركاب وأسعار تذاكر السفر المرتفعة، بل طالت النقل الجوي للبضائع من وإلى إسرائيل، ما يسبب ارتفاعاً إضافياً في كُلَف الشحن التي صعدت بالأساس بنسبة 200% في 2023 عقب اندلاع الحرب في 07 أكتوبر.
ويتزامن ذلك أيضاً مع تدهور الوضع الأمني الإسرائيلي ووقف رحلات الشركات الأجنبية إلى إسرائيل، في حين أن شحنات البضائع والمواد الخام إلى الشركات الإسرائيلية عالقة في المطارات حول العالم منذ أسابيع.
حيث لم يعد بإمكان المصدرين الإسرائيليين الذين من المفترض أن يسلموا البضائع إلى العملاء في الخارج، العثورُ على رحلات جوية متاحة تسمح لهم بالوفاء بمواعيد التسليم التي التزموا بها.
ومثل هذا الوضع الصعب يُعد غير مسبوق بالنسبة لإسرائيل والمصدرين الإسرائيليين، ويعتبرون أن هذه الأزمات المتفاقمة تضر بسمعة التصدير الإسرائيلي وقدرة المصدرين على المنافسة، ما يتسبب في فقدان العملاء والعقود الجديدة والإيرادات.
اختناق الموانئ
اختنقت سلاسل الإمدادات بسبب أوضاع موانئ الاقتصاد الإسرائيلي، في حيفا وإيلات وأسدود وعسقلان التي تحت القصف بالصواريخ من المقاومة الفلسطينية ولبنان واليمن، وخصوصاً ميناء حيفا الذي يُعتبر الميناء الرئيسي والأهم والأكثر كفاءة في إسرائيل ويستوفي أعلى المعايير العالمية، ويمر عبره نحو 30 مليون طن من البضائع سنوياً.
مع ذلك لا تزال حركة الاستيراد سارية خصوصاً من ميناء حيفا الذي هو محور تجاري إقليمي مع موانئ مصر واليونان وتركيا خصوصاً، ويضم عدداً كبيراً من المحطات التي تنقل جميع أنواع الشحنات، ويستقبل سفن الركاب الكبيرة. وعلى سبيل المثال، قامت 14 سفينة برحلات مباشرة بين الموانئ التركية و ميناءي حيفا وأشدود خلال الأيام القليلة الماضية.
ومنذ بدء الحرب كانت حكومة إسرائيل تعتبر ميناء حيفا آمناً لوقوعه في خليج طبيعي ومحمي، إلا أنه وبعد أن أصبح محل استهداف، أصبحت شركات الاستيراد تستعين بخدمات شركات طيران إسرائيلية لنقل البضائع بسبب التهديد بالقصف على ميناء حيفا.
وتؤكد صحيفة ذا ماركر الاقتصادية أن الأوضاع الأمنية وكذا استهداف حكومة صنعاء للسفن الإسرائيلية، أثرت على حركة السفن باتجاه إسرائيل، حيث توقفت السفن الأجنبية المتخصصة في نقل الركاب عن الوصول إلى الموانئ الإسرائيلية، وتتوقع الصحيفة عدم استئناف هذه السفن رحلاتها في عام 2025.
ومن جهته يُعد ميناء أسدود ثاني أكبر موانئ إسرائيل، ويبعد عن قطاع غزة بأقل من 30 كيلومتراً، وقد تقلصت حركة مرور السفن نحوه بنسبة 50% منذ بدء الحرب، بعد أن كان يستقبل نحو 21 مليون طن من البضائع في 2022 محملة في مليون شاحنة، وذلك بسبب اضطرار السفن المتجهة إليه من آسيا إلى أن تسلك طريق رأس الرجاء الصالح الذي يؤخر وصول السفن شهراً كاملاً ويزيد تكلفة الشحن 40% في المتوسط.
كما أن أسدود، ومعه أيضاً ميناء عسقلان النفطي والغازي (الذي يبعد عن حدود قطاع غزة بـ10 كيلومترات فقط)، غير مجهزين للتعامل مع حاويات الشحن الكثيرة وكبيرة الحجم، وتؤكد المعلومات أن نقل السفن إلى هذين الميناءين يؤدي إلى تأخير التفريغ وتلف المواد الغذائية والخضروات والفواكه.
أمام ذلك تقول التقارير إن إسرائيل تستفيد من خط الشحن البري الواصل من الإمارات عبر السعودية والأردن، وذلك بعد أن شُلت حركة الشحن والنشاط التجاري في ميناء إيلات الذي أعلن إفلاسه، بعد أن كان يمر خلاله 5% من تجارة إسرائيل السنوية والمقدرة بـ73 مليار دولار صادرات، و103 مليارات دولار واردات، وكان يستقبل سفن شحن عملاقة تصل حمولتها إلى 20 ألف حاوية.
طريق مسدود لصناعة الطيران
تقول صحيفة كالكاليست إن أعمال الطيران هذه الفترة يقع معظمها على عاتق شركات “العال” و”أركيا” و”يسرائير” التي تواصل الطيران، إلا أن أسطولها محدود ولا توفر طائراتُها الاستجابة اللازمة لاحتياجات الاقتصاد في إسرائيل.
وتفيد بيانات سلطة المطارات الإسرائيلية التي طالعها بقش لشهر سبتمبر الماضي بانخفاض كمية البضائع الداخلة إلى إسرائيل عبر طائرات الركاب بنسبة 48%، وهي مكونات مهمة لعمليات الإنتاج، وتقبع في المطارات بالخارج منذ أسابيع.
كما أن هناك مواد لصناعة السلاح والتقنيات العسكرية تابعة لعدة شركات منها إلبيت ورافائيل.
ويذكر التقرير أن من غير الواضح سبب عدم الاهتمام بحلول في مجال النقل من وإلى إسرائيل، مثل إنشاء مراكز إقليمية يُستفاد منها لنقل الشحنات الجوية، أو التوصل إلى اتفاق مع شركات الطيران الإسرائيلية بتخصيص بعض طائراتها لرحلات شحن منتظمة لصالح الاقتصاد، مع التخلي عن بعض رحلات الركاب إلى وجهات العطلات المختلفة حول العالم.
وقد انخفض حجم نشاط الطيران في 2023 بشكل أدى إلى ارتفاع سعر النقل الجوي من نحو 3 يورو لكل كيلوغرام من البضائع إلى نحو 9 يورو، وثمة تحذيرات من أن الانخفاض المستمر في العرض وما يرافقه من ارتفاع الطلب سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار.
ومؤخراً قامت شركة تشالنغ إيرلاينز البلجيكية التابعة لمجموعة طيران إسرائيلية يقع مقرها الرئيس في مالطا، برفع أسعار النقل الجوي بنحو 30% مع إضافة 0.7 يورو إلى الكيلوغرام الواحد، وللشركة حصة تبلغ 32% من إجمالي نشاط النقل الجوي في إسرائيل، في حين أن أكثر من 55% من إجمالي النقل الجوي من وإلى إسرائيل يتم عبر الطائرات التابعة للخطوط الجوية العاملة في أمريكا.
وفي الربع الثاني من 2024 ارتفعت إيرادات شركة تشالنغ إيرلاينز من الشحن الجوي بنحو 110% مقارنة بالربع الثاني من 2023، وبلغت قرابة 60 مليون دولار، وفي سبتمبر الماضي كانت مسؤولة عن حوالي 70% من إجمالي البضائع المنقولة من وإلى إسرائيل عبر طائرات الركاب، بزيادة بلغت 60% عن الشهر نفسه من 2023.
المصدر: مرصد بقش الاقتصادي