شبه الجزيرة نت | عالمي
عاشت مدينة تل أبيب مساء الخميس لحظات غير مسبوقة من الذعر، عقب سقوط صاروخ باليستي قادم من اليمن، ما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار في عدة مناطق واندلاع حالة من الهلع بين السكان والمستوطنين، وسط مشاهد وثقتها الكاميرات وتناقلها ناشطون على نطاق واسع، تُظهر الآلاف وهم يهربون من الشواطئ والمناطق المفتوحة باتجاه الملاجئ.
الحدث جاء بعد تأكيد قوات صنعاء تنفيذ هجوم مزدوج على مطار بن غوريون بطائرة مسيرة وصاروخ فرط صوتي، ضمن ما وصفته بأنه استمرار لعمليات الحظر الجوي المفروض على إسرائيل دعماً لغزة.
فشل “ثاد”: هزة جديدة لصورة الردع الإسرائيلي الأمريكي
في تطور بالغ الحساسية، أكدت القناة 14 الإسرائيلية فشل منظومة “ثاد” الأمريكية في اعتراض الصاروخ اليمني للمرة الثانية خلال أسبوع. ويُعد هذا النظام من أحدث ما أنتجته الترسانة الدفاعية الأمريكية، وقد تم نشره لتعزيز الدفاعات الإسرائيلية في ظل التهديدات المتزايدة من الجنوب والشرق.
ويرى محللون أن تكرار هذا الفشل يعكس خللاً بنيوياً في منظومة الردع الإسرائيلية – الأمريكية المشتركة، ويطرح تساؤلات عميقة حول جدوى عشرات المليارات التي صُرفت على التسليح، مقارنة بقدرات صاروخية وطائرات مسيرة تأتي من بلد يخضع لحصار منذ سنوات.
الهروب الجماعي… “انتصار معنوي” للحوثيين؟
وسائل الإعلام الإسرائيلية، رغم تحفظها المعتاد، وصفت المشهد على الشواطئ بـ”الصادم”، مشيرة إلى حالة من الفوضى غير المسبوقة مع تدافع الناس إلى الملاجئ والمناطق الآمنة. واعتبر بعض المعلقين أن ما جرى يمثل “انتصارًا معنوياً كبيراً للحوثيين” (أنصار الله)، الذين نجحوا في إحداث تأثير نفسي داخل العمق الإسرائيلي من خارج الجغرافيا التقليدية للصراع.
وفي السياق نفسه، تداول الإعلام العبري تساؤلات نقدية حول أداء القيادة السياسية والعسكرية، حيث تساءل عدد من المعلقين: “هل خسرت إسرائيل فعلاً أمام الحوثيين؟”، في دعوة واضحة لإعادة تقييم الخطاب الرسمي الذي طالما صوّر إسرائيل كقوة لا تُقهر.
تحول استراتيجي في قواعد الاشتباك الإقليمي
يتفق مراقبون على أن الضربات اليمنية الأخيرة تمثل تحولاً نوعيًا في مسار الاشتباك في المنطقة. فصنعاء لا تكتفي بإرسال رسائل تضامنية، بل تضرب وتتوعد وتنجح في التنفيذ دون أن تتمكن تل أبيب أو واشنطن من منعها.
ويبدو أن فاعلية الصواريخ الفرط صوتية وتكاملها مع المسيّرات وضع المنظومة الدفاعية الإسرائيلية في اختبار حقيقي، زادت من ضغوطه حالة التشكيك الداخلي في كفاءة الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، التي باتت تُتهم بالعجز عن احتواء أي من الجبهات المشتعلة.
الخلاصة: الضربة النفسية قد تكون أخطر من العسكرية
في ظل هذا المشهد، تتعزز القناعة بأن الحرب الحديثة ليست فقط بالأسلحة، بل بتأثيراتها النفسية والإعلامية والسياسية. وما حدث في تل أبيب، من هروب جماعي وخلل في المنظومات الدفاعية، قد يكون أخطر على إسرائيل من سقوط صاروخ واحد، لأنه يضرب صورتها داخليًا وخارجيًا، ويعيد رسم موازين القوى على مستوى وعي الشعوب.