شبه الجزيرة نت | أقتصاد
في ظل تصاعد المواجهة الإقليمية، أصبحت التوترات مع اليمن تشكّل عبئاً حقيقياً على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي بدأ يفقد بعضاً من زخمه وثقة المؤسسات الدولية. أحدث مؤشر على هذا التحول جاء من وكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية، التي خفضت النظرة المستقبلية لإسرائيل إلى “سلبية”، في خطوة ثالثة من نوعها منذ بداية العام الجاري.
رغم أن التصنيف الائتماني بقي عند درجة “A”، إلا أن التعديل في التوقعات يعكس تزايد المخاوف الدولية من هشاشة الوضع المالي الإسرائيلي في ظل صراع مفتوح مع أكثر من جبهة، خاصة الجبهة اليمنية التي أصبحت مصدر تهديد استراتيجي جديد.
حظر الملاحة الجوية: شلل في قطاع النقل الجوي والتأمين
لم يكن تراجع الثقة الدولية حدثاً منفصلاً، بل جاء متزامناً مع آثار مباشرة على واحد من أبرز روافد الاقتصاد الإسرائيلي: قطاع الطيران المدني. فبعد إعلان قوات صنعاء عن حظر جوي مفروض على إسرائيل، وإطلاقها سلسلة هجمات استهدفت مطار بن غوريون، سارعت شركات طيران عالمية إلى إلغاء عشرات الرحلات، مما أدى إلى هبوط حاد في أسهم الشركات الإسرائيلية العاملة في هذا المجال.
وتشير التقديرات إلى أن الخسائر اليومية جراء هذا الاضطراب في الملاحة الجوية قد تتجاوز ملايين الدولارات، ليس فقط بفعل الإلغاءات المباشرة، وإنما بسبب ارتفاع أسعار التأمين والتكاليف التشغيلية، فضلاً عن عزوف المسافرين عن وجهة تعتبرها التقارير الدولية “غير آمنة”.
أزمة ثقة دولية ومخاطر على المالية العامة
في بيانها الرسمي، أوضحت وكالة “ستاندرد آند بورز” أن استمرار التصعيد العسكري وتوسع رقعة المواجهات من غزة ولبنان إلى اليمن، يضع المالية العامة الإسرائيلية تحت ضغط متزايد. وحذرت من أن أي تطور سلبي إضافي قد يؤدي إلى زيادة الإنفاق العسكري، تآكل الاحتياطيات، وارتفاع عجز الميزانية وميزان المدفوعات، وهو ما من شأنه تغيير صورة الاقتصاد الإسرائيلي الذي طالما رُوّج له كأقوى اقتصاد في الشرق الأوسط.
كما لفت التقرير إلى أن التهديدات المتكررة للبنية التحتية الحيوية، من مطارات وموانئ ومنشآت صناعية، تجعل البيئة الاستثمارية الإسرائيلية أقل جاذبية وأكثر خطورة، ما قد يدفع بعض الاستثمارات الأجنبية إلى إعادة تقييم وجودها أو خطط توسعها.
انعكاسات إقليمية ودروس مستخلصة
من جهة أخرى، يرى خبراء أن التحول في التصنيف الائتماني ليس مجرد إجراء مالي، بل هو مؤشر على تحول النظرة الاستراتيجية الدولية تجاه إسرائيل، التي باتت تواجه ضغوطاً متزامنة من حركات مقاومة مدعومة بإرادة سياسية وقدرات تكنولوجية غير تقليدية.
وتظهر هذه المعطيات أن الردع التقليدي لم يعد كافياً لحماية المصالح الاقتصادية الحيوية لإسرائيل، في ظل تحول أدوات الضغط إلى مستويات أكثر تعقيداً، كما هو الحال مع الحظر الجوي اليمني.