✍️ مالك المداني
“إن الإنسان خُلق هلوعًا”
بهذه الآية القصيرة فقط،
يمكننا فهم الواقع الذي نعيشه،
واستيعاب حقيقة الحرب التي نخوضها،
ووضع أسس البناء، وآليات المواجهة.
أربع كلمات…
لكنها تختصر كل شيء،
وتكثّف خلاصة التجربة البشرية
منذ بدء الخليقة حتى الفناء!
ما هو الهَلَع؟
الله سبحانه وتعالى فَسّر ذلك في الآيات التالية:
“إذا مسّه الشر جزوعًا”
أي خائفًا متوجّسًا“وإذا مسّه الخير منوعًا”
أي طمّاعًا بخيلًا
هكذا ببساطة:
الخوف والطمع
هما التركيبة الأولى في النفس البشرية،
والأصل الأقدم فيها،
والنقطة الأعمق في تكوينها.
جدول العناصر النفسية
لو افترضنا وجود “جدول دوري” للعناصر النفسية،
فلن يتكوّن إلا من عنصرين فقط:
الخوف و الطمع
كل الصفات والمشاعر الأخرى؟
مجرد مشتقات، نواتج، مركّبات مؤقتة.
أما الخوف والطمع،
فهما ميراثٌ فطري… نولد به ونحياه حتى الممات!
الإنسان خائف طامع… دائمًا!
نحن طوال الوقت:
خائفون من شيء، وطامعون في شيء
حتى ونحن نائمون!
ولهذا نحب ونكره،
نُقدِم ونَجْبُن،
نعصي ونخضع،
نمنح ونمنع،
نزهو ثم ننسى.
ببساطة:
نحن نتاج الخوف والطمع.
عليهما بُني كل شيء
-
بهما تقوم هداية الله:
بالخشية والترغيب
-
وبهما تُمارَس غواية الشيطان:
بالتخويف والتمنّي
فمن لا يخشى الله،
سيخاف غيره…
ليس لأن الشيطان أقوى،
بل لأننا ببساطة:
جهلة، ضعفاء، ومغرورون!
قواعد لا تتغيّر
-
من لا يرغب في الثواب،
سيسعى خلف السراب. -
من لا تخيفه الحقيقة،
سترعبه الأكاذيب. -
من لا يطلب المحتوم،
ستتخطفه الأوهام!
هذه قاعدة محورية…
ومنها انبثق كل شيء:
بدءًا من طمع آدم عليه السلام في الخلود،
وصولًا إلى خوف ذريته من ترسانة الولايات المتحدة!
سؤال مهم…
لماذا استخدم الشيطان الطمع لإغواء آدم،
بينما يستخدم الخوف لإغوائنا اليوم؟
الجواب:
-
لأن آدم كان يعلم ضعف الشيطان…
-
أما نحن، فنظن أنه لا يُقهَر!
الخوف يصنع القطيع،
والقطيع الخائف أسهل قيادةً وأقل كلفةً!
الخلاصة:
الرُعاة يُستمالون بالأهواء…
أما الخِراف، فبالمخاوف تُقاد!
أنتَ…
إما راعٍ ضال،
أو خروفٌ خائف،
ما لم تخشَ الله وترغب فيما عنده.
في النهاية:
كلنا “خائفون طامعون”…
لكن الفرق الحقيقي هو:
ممّن نخاف؟ وفيما نطمع؟