شهد البحر الأحمر تحسنًا جزئيًا في حركة الشحن التجاري منذ أغسطس 2024، إذ ارتفع عدد السفن المارة عبر مضيق باب المندب إلى ما بين 36 و37 سفينة يوميًا، مسجلًا بذلك زيادة بنسبة 60% مقارنة بالشهور السابقة. ومع ذلك، تؤكد مصادر أوروبية ودولية أن الأرقام لا تزال أقل بكثير من مستويات ما قبل الأزمة.
الهدنة والتراجع في الهجمات أبرز دوافع الانتعاش
عزا قائد عملية “أسبيدس” البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي هذا التحسن إلى عدة عوامل، أبرزها الاتفاق غير المعلن بين الولايات المتحدة وقوات صنعاء، إضافة إلى التراجع الكبير في الهجمات باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ، والتي كانت تستهدف السفن التجارية منذ أواخر 2023.
وقد بدأت قوات صنعاء عملياتها البحرية في نوفمبر 2023، ردًا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما تسبب في انخفاض حاد لحركة الشحن، إذ هبطت من متوسط 72-75 سفينة يوميًا إلى ما بين 20 و23 سفينة فقط في ذروة الأزمة خلال صيف 2024.
أسبيدس توفر الحماية ولكن القلق مستمر
منذ انطلاقها، وفّرت عملية أسبيدس حماية مباشرة لأكثر من 450 سفينة، وأسهمت في تقليل عدد الهجمات على السفن المحايدة. إلا أن الوضع لا يزال هشًا، حيث تبدي شركات الشحن الكبرى تحفظًا حيال العودة الكاملة إلى المسار البحري عبر البحر الأحمر، وسط استمرار التصريحات القوية من جانب قوات صنعاء، وغياب اتفاق رسمي ينهي الأزمة بشكل دائم.
ووفقًا لتقارير ملاحية، فإن آخر هجوم مسجل على سفينة تجارية وقع في نوفمبر 2024، ومنذ ذلك الحين باتت عمليات الاستهداف تقتصر على السفن المرتبطة بإسرائيل أو تلك التي سبق لها الرسو في موانئ إسرائيلية.
ترامب يعلن قرب نهاية الأزمة.. لكن الشكوك مستمرة
وفي تطور لافت، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي أن ملف الملاحة في البحر الأحمر “قارب على الانتهاء”، مشيرًا إلى تفاهم قيد التنفيذ يتضمن وقف العمليات الأمريكية مقابل إنهاء قوات صنعاء لهجماتها على السفن.
لكن بالرغم من هذا التصريح، لا تزال شركات الشحن الدولية تتعامل بحذر بالغ، إذ عبّرت غالبية هذه الشركات، خلال مكالمات الأرباح الفصلية، عن أن استئناف النقل المنتظم في البحر الأحمر لا يزال مبكرًا جدًا في ظل غياب ضمانات أمنية كافية.
آفاق مستقبلية
يرى محللون في قطاع النقل البحري أن العودة الكاملة للملاحة تتطلب استقرارًا طويل الأمد وضمانات سياسية وعسكرية واضحة، مشيرين إلى أن الانتعاش الحالي قد يكون مؤقتًا ما لم يتم التوصل إلى حل شامل ومستدام.