شبه الجزيرة نت | أخبار دولية | أحداث غزة
في مشهدٍ متكرر يعكس أولويات المجتمع الدولي، تشهد إسرائيل استجابة عالمية سريعة بعد اندلاع حرائق غابات واسعة غرب القدس المحتلة، في وقتٍ لا تزال فيه الكارثة الإنسانية في غزة تتفاقم تحت الحصار والقصف المستمر، دون استجابة توازي حجم المأساة.
طواقم الإطفاء الإسرائيلية، بدعم من الجيش، تكافح للسيطرة على نيران وصفها المسؤولون بأنها “الأكبر في تاريخ البلاد”. الحرائق أدت إلى إجلاء أكثر من 10 آلاف شخص من تسع مستوطنات، وامتدت ألسنة اللهب على مساحة تفوق 19 ألف دونم. السلطات أعلنت حالة الطوارئ القصوى وعبأت جميع فرق الإطفاء، بينما نُشرت قوات من الجيش لتقديم المساعدة.
ورغم أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحرائق قد تكون “مفتعلة”، سارعت الحكومة الإسرائيلية بطلب المساعدة من الدول الأوروبية، لتتدفق الطائرات والمساعدات خلال ساعات: فرنسا أرسلت طائرة، إسبانيا طائرتين، ورومانيا قدمت دعماً، بينما ينتظر وصول تعزيزات من إيطاليا وكرواتيا.
استجابة دولية تكشف تناقضاً مؤلماً
اللافت أن هذه الاستجابة السريعة جاءت على خلفية كارثة بيئية، لكنها تطرح تساؤلات قاسية عند مقارنتها مع التجاهل الدولي شبه التام للمأساة المستمرة في قطاع غزة، حيث يُحاصر أكثر من مليوني إنسان في ظروف ترقى إلى الإبادة الجماعية، بحسب محكمة العدل الدولية ومنظمات حقوقية.
بينما تتزاحم طائرات الإطفاء في سماء القدس، تناضل شاحنات المساعدات الإنسانية لعبور المعابر لإيصال الغذاء والدواء لأهالي غزة، الذين يواجهون خطر المجاعة والانهيار الكامل للقطاع الصحي والبنية التحتية، وسط قصف مستمر وتشريد ممنهج.
الانتقادات تتزايد إزاء ازدواجية المعايير في التعاطي مع الأزمات؛ إذ تُعامل حرائق تلتهم الأحراش باعتبارها كارثة دولية تستدعي استنفاراً فورياً، بينما يُغض الطرف عن التهجير القسري والدمار واسع النطاق في غزة، حيث نزح أكثر من 1.7 مليون فلسطيني خلال شهور قليلة.
أزمة أخلاقية عالمية
الفجوة بين الاستجابة الإنسانية لإسرائيل وتجاهل معاناة غزة تؤكد أن المواقف الدولية لم تعد تقاس بمدى الكارثة، بل بهوية الضحية. فبينما تهب أوروبا لإخماد نار طبيعية تهدد الأشجار، لا تُبدي ذات الحماسة لإنقاذ أرواح بشرية تُزهق يومياً في غزة.
ويطرح هذا التناقض تساؤلات حادة حول المبادئ التي تدّعي الدول الكبرى الدفاع عنها، من العدالة إلى حقوق الإنسان، إذ يبدو أن هذه القيم باتت انتقائية، تُفعّل عندما يتعلق الأمر بحلفاء، وتُعلّق حين تخص شعباً يعيش تحت الاحتلال والحصار.
في النهاية، تظهر حرائق إسرائيل وما تلاها من استجابة دولية كثيفة كمرآةٍ تكشف عمق الأزمة الأخلاقية في النظام العالمي، وضرورة إعادة تعريف معنى التضامن الإنساني خارج حدود المصالح السياسية.