شبه الجزيرة نت | غزة
في تطور بارز على صعيد الحرب في قطاع غزة، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، الإثنين، عن إفراجها عن الجندي الأمريكي الإسرائيلي إيدان ألكسندر، الذي كان محتجزاً منذ الهجوم المفاجئ الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووصفت هذه الخطوة بأنها “إنسانية”، ومؤشر على انفتاحها نحو حل سياسي.
وجاء في بيان لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أن الإفراج عن ألكسندر تمّ “لأسباب إنسانية وصحية”، وأنه جرى تسليمه بشكل مباشر إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر داخل قطاع غزة، في إشارة إلى التنسيق المسبق مع جهات دولية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن عملية الإفراج جاءت بعد اتصالات غير معلنة جرت عبر وسطاء إقليميين ودوليين، أبرزهم قطر ومصر، حيث كان ملف الرهائن على رأس أولويات تلك الاتصالات التي تسعى لوقف إطلاق النار والتوصل لاتفاق شامل لتبادل الأسرى بين الطرفين.
إشارات أمريكية وإسرائيلية متباينة
في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي أنه تلقى إخطاراً رسمياً من الصليب الأحمر يفيد بتسلم رهينة من قطاع غزة، دون ذكر الاسم بشكل مباشر. لكن القناة 12 الإسرائيلية كشفت أن الرهينة هو الجندي الأمريكي الإسرائيلي إيدان ألكسندر، واصفة حالته الصحية بـ”المتدهورة”، دون تقديم تفاصيل إضافية.
الصور التي بثتها قناة الجزيرة أظهرت ألكسندر واقفاً إلى جانب عناصر من كتائب القسام ومسؤول من الصليب الأحمر، وكان مرتدياً ملابس مدنية، وهو ما فُسّر على أنه محاولة من حماس لإظهار حسن نواياها، على خلاف المرات السابقة التي كان الرهائن فيها يُعرضون بزيّ عسكري وتحت الحراسة المشددة.
ورداً على ذلك، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن ترحيبه بما أسماه “عودة الرقيب عيدان ألكسندر من الأسر”، مؤكداً في بيان رسمي صادر عن مكتبه التزام إسرائيل بإعادة “جميع الرهائن والمفقودين، الأحياء منهم والأموات”، دون أن يعلن عن خطوات فورية للرد أو الاستجابة لدعوات التهدئة.
احتمال لاستئناف المفاوضات
اللافت أن بيان كتائب القسام لم يقتصر على الإعلان عن الإفراج، بل تضمّن إشارة صريحة إلى “الاستعداد للمشاركة في مفاوضات تهدف للتوصل إلى اتفاق شامل ومستدام لوقف إطلاق النار”، وهو ما اعتبره مراقبون تغييراً نوعياً في لهجة الحركة، لا سيما بعد أسابيع من التصعيد المتبادل.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن الإفراج عن ألكسندر قد يكون بمثابة “بادرة حسن نية” من قبل حماس باتجاه الولايات المتحدة، التي تمارس منذ أسابيع ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية للموافقة على اتفاق تهدئة في غزة، يتضمن وقف العمليات العسكرية وتبادل الأسرى، خاصة في ظل الوضع الإنساني الكارثي في القطاع.
ويُذكر أن حركة حماس لا تزال تحتجز عشرات الرهائن الإسرائيليين والأجانب منذ اندلاع الحرب، وتعتبر ملفهم ورقة تفاوضية استراتيجية في ظل العمليات العسكرية المستمرة.
تغير في التكتيك أم بداية مسار سياسي؟
الخطوة التي أقدمت عليها حماس تأتي في لحظة سياسية وعسكرية معقدة. فالقطاع يشهد تصعيداً متكرراً، والضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية تتزايد، وسط انتقادات حادة لسقوط آلاف المدنيين نتيجة الضربات الجوية. وبالمقابل، تعاني إسرائيل من تحديات داخلية، أبرزها الاحتجاجات ضد حكومة نتانياهو، وفشل التوصل لاتفاقات تبادل رغم مرور أشهر على اندلاع الحرب.
ويرى مراقبون أن الإفراج عن رهينة يحمل الجنسية الأمريكية قد يكون أيضاً رسالة موجّهة للإدارة الأمريكية، التي تبدو راغبة في إنهاء الحرب، لكن دون أن تظهر كأنها تُمارس ضغطاً مباشراً على إسرائيل، حليفتها التاريخية.
مشهد متحرك
ومع وقف مؤقت للعمليات العسكرية الإسرائيلية منتصف اليوم، بهدف تأمين عملية التسليم، بدا أن كافة الأطراف متأهبة لاحتمال العودة إلى طاولة المفاوضات. ويبقى السؤال: هل هذا الإفراج الفردي مقدمة لاتفاق شامل، أم مجرد مناورة مؤقتة في سياق الحرب الطويلة؟
الأيام القادمة ستكشف إن كانت هذه الخطوة بداية لمسار سياسي جاد، أم أنها مجرد حدث معزول سرعان ما ستتبعه موجة جديدة من التصعيد والدمار.